Thursday, June 13, 2019

مليشيات الجَنْجَويِدْ: فِرانْكِنْشَتَاين السُّودان



بقلم: طلال ناير*

كتبت الأديبةُ الإنجليزيةُ ماري شِيرْلي رواية (فِرانْكِنْشَاتَاين) لتروي فيها مأساة ڤِكْتُور فِرانْكِنْشَاتَاين؛ ذلك الطبيبٌ السويسريٌ الشاب الذي قرر تحدى إرادةَ الإلهِ فكشفَ سِرُ الخلقِ الدفينِ، فأحيى شيئاً من وراءِ عوالمِ الموتِ، شيئاً ما يجب أن يعود للحياة. الفضول القاتل للطبيب الشاب دفعه لخلق وحش سُميَ مجازاً، وعن طريقِ الخطأ بـ(فِرانْكِنْشَاتَاين). دمّرَ ذاك الوحش حياة ڤِكْتُور وروّع سكان مدينة إنْجُولْشٌتْات البڤارية التي فرَّ إليها بغرض الإختباء. دمَّر الوحش حياة الجميع لأنه لم يجد القبول مِن الآخرين. 





في العام 2006 أجرت هيئة الإذاعة البريطانية حواراً مع القائد الميداني لمليشيات الجَنْجَويِدْ لاستقصاء صحة التقارير التي تتحدث عن جرائم إبادة واغتصاب جماعي في إقليم دارفور. تفاخر ذلك القائد الميداني بالأسلحةِ الصينيةِ الحديثةِ التي يُقاتل بها الحركات المسلحة، وقال في تلك المقابلة: "سنُقاتلهم حتى يوم القيامةِ". ذلك الرجل يدُعى محمد حَمْدان دَقْلو، والمعروف أيضاً بلقب حِميدتْي. كان هذا الرجل راعياً للإبل، ووقتها كان قائداً ميدانياً في مليشيا مطلوب قائدها العام – موسى هلال - للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.

حميدتي

موسى هلال


يشغل حِميدتْي الآن منصب نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي، الذي يحكم السودان بعد سقوط النظام الديكتاتوري للبشير. الجنرال حِميدتْي هو الحاكم الفعلي للبلاد منذ يوم 11 أبريل 2019. الصعود السريع لحِميدتْي على سُلّم السُلطة مذهل بكل المقاييس، فالرجل  جعل قواته تحت إمرة الجيش بشكل غير رسمي قبل اثني عشر عاماً، وهو حالياً يشغل رتبة فريق أول، وهى الرتبة الأعلى في قوات الشعب المسلحة السودانية بعد خلع المشير البشير. حسب طريقة الترقيات في الجيش المصري - وهي مطابقة تقريباً للجيش السوداني - فإن اثني عشر عاماً هى فترة بالكاد تكفي أي ضابط لينال رتبة رائد.



تحوم العديد من التساؤلات حول سيرة حِميدتْي، وهناك غموض يلف تدرجه السريع وغير المنطقي في سُلم القيادةِ. لقد استطاع الجنرال الشاب خرق كل القواعد والقوانين، وتجاوز سلسلةً طويلةً من الجنرالات المسنين الذين يسبقونه بسنوات الخدمة العسكرية، وينتظرون لسنوات من أجل الترقية. أول حاجز اجتازه بنجاح هو تفاديه أحد أهم شروط الانضمام للجيش، وهو الحصول على شهادة إكمال التعليم الثانوي، فحِميدتْي وحسبما يعتقد الكثيرون؛ لم يكمل تعليمه في أحسن الأحوال. أتباع الرجل يقولون إنه توقف عن التعليم في إحدى المدارس الدينية التقليدية التي تُعرف باسم (الخَلْوَة) عندما كان في سن الرابعة عشرة. السيرة الذاتية الغامضة للرجل، أفسحت المجال لرواج رواية تقول إنه تشادي الجنسية، دخل إلى السودان مع أسرته أثناء الحرب التشادية الليبية.



التحول السريع لحِميدتْي من راع للإبل، إلى حاكم عسكري لبلد بمساحة السُودان، لا يشبهه سوى الطريقة التي وصل بها صَمْويل دُوو للسلطة في ليبريا: دُوو كان برتبة رقيب في الجيش، الذي دبّر انقلاباً دموياً على كل قيادات الدولة عام 1980، فاستولى على السلطة بعدما اغتال الرئيس، ونفذ إعدمات مُتلفزة في جميع وزراء ومناصري الرئيس وليم تولبيرت. ورغم المجازر الدموية التي ارتكبها فقد نال دُوو اعترافاً دولياً، فاستقبله رونالد ريغان استقبالاً رئاسياً رسمياً في البيت الأبيض عام 1982، وعدَّه شريكاً لاستعادة الديمقراطية في ليبريا.

دُوو في البيت الأبيض

التدرج السريع لقائد (الجَنْجَويِدْ)، يدفع المرء للتساؤل حول تمكن مليشيا من السيطرة على بلدٍ يقارب حجمه مساحة أوروبا الغربية، بهذه السرعة. وصل نفوذ الجَنْجَويِدْ العسكري لخارج حدود السودان، فهم يحاربون نيابةً عن السعوديين والإماراتيين في اليمن، وهم عماد القوات البرية لتحالف (عاصفة الحزم). لقد وصلت الثقة بالنفس عند الجنرال حِميدتْي لدرجة تهديده الصريح باجتياح قواته لإيران للدفاع عن دول الخليج. الاستقبال الرسمي الذي قُوبل به حِميدتْي في السعودية ومصر والإمارات هو اعتراف صريح بقوة الرجل، وتقدير لمليشيا الجَنْجَويِد المشهورة بالشراسة والعنف الدموي. حِميدتْي يسير على خُطى صَمْويل دُوو وقع الحافر على الحافر: النشوء في بيئة متواضعة مع احتمالات شبه معدومة لاعتلاء سلم القيادة، ثم صعود صاروخي نحو قمة السلطة باستخدام العنف الدموي، ولاحقاً إيجاد الاعتراف المحلي والإقليمي والدولي بسلطة الأمر الواقع للحاكم الجديد.





مليشيا الجَنْجَويِدْ ظهرت إعلامياً مع بداية الحرب الأهلية في دارفور عام 2003، ولكن جذور هذه المليشيات أقدم من ذلك، بل هى أقدم من النظام الديكتاتوري للرئيس البشير، وللمفارقة التراجكوميدية، فإن مليشيا الجَنْجَويِدْ التي تقوم حالياً بالتنكيل بالمطالبين بالديمقراطية، أنشئت في حقبة الديمقراطية الثالثة (1985-1989)، وتحديداً على يد رئيس الوزراء المنتخب ديمقراطياً الصادق المهدي، الذي كان يقود حكومة ائتلافية تجمع الحزبين الأكبر في السودان حينها؛ حزب الأمة القومي، والحزب الاتحادي الديمقراطي. المهدي الذي كان يطمح حتى قبل أيام قليلة لقيادة الديمقراطية الرابعة التي تحتضر حالياً في قبضة الجَنْجَويِدْ.

الصادق المهدي

بدأ أول نزاع عسكري في السُودان عندما تمردت حركة الأنانيا على حكومة إسماعيل الأزهري في عام 1955 اعتراضاً على نية انضمام السودان لجامعة الدول العربية، وكذلك اعتراضاً على التوجه الإسلاموي - العروبي البائن للحكومة التي تقود دولة تطمح لنيل استقلالها من الاحتلال الإنجليزي - المصري. في العام 1983 قام جون قَرَنْق بتأسيس الحركة الشعبية لتحرير السودان، لتقود حرب عصابات ضد حكومة النميري. ينادي مانفستو الحركة (السودان الجديد) بتأسيس بلد متعدد الأديان والثقافات، وذلك خلافاً للمشروع الإسلاموي العروبي، وهو الأجندة الرسمية للدولة التي تبنتها جميع الحكومات المتعاقبة، سواء أكانت ديمقراطية أم عسكرية.

قوات الأنانيا، ويظهر في الصورة الجنرال الإسرائيلي ديفيد أوري بن  أووزيل
قوات حكومة الجنرال إبراهيم عبود


بعد نجاح انتفاضة أبريل 1985 في الإطاحة بحكم الجنرال جعفر نميري، رفضت الحركة الشعبية لتحرير السودان وقف الحرب، لأنها اعتبرت أن المجلس العسكري الانتقالي حينها – برئاسة المشير سوار الذهب – ما هو إلا امتداد للنظام القديم، بسبب عدم إلغاء قوانين الشريعة الإسلامية. بعد انتهاء الفترة الانتقالية تسلم الصادق المهدي السلطة، فوجد رئيس الوزراء - ذو المرجعية الإسلامية المحافظة – نفسه في مواجهة قَرَنْق، الذي يقود حركة مسلحة كانت حينها ذات أيديولوجيا ماركسية، حركة تمتلك أسلحة سوفييتية متقدمة تأتي عن طريق نظاممَانْقستو هَيِلامريام الشيوعي في إثيوبيا، حركة تحارب بشراسة في مساحة أرض تساوي تقريباً مساحة ألمانيا وهولندا مجتمعتين، بل وتمددت الحركة في بعض الأحيان لتخرج من مناطقها في الجنوب، لتهاجم بعض الأهداف في الشمال، لتكون حصيلة الحرب الأهلية التي دامت لنصف قرن حوالي مليوني قتيل.



كان الجذر الأساسي لكل الحروب الأهلية السُودانية هو (سؤال الهوية)، وكان الصراع الثقافي بين المجموعات الإثنية في السُودان هو المصدر الأساسي لعدم الاستقرار، نسبةً لأن الحُكومات المتعاقبة لم تجد وسيلة لإدارة حوار ثقافي لحل أزمة البلاد، فكان الردع العسكري هو دوماً الرد على التمرد. في العام 1987 كوّن الصادق المهدي مليشيات (المراحيل) في إقليم كردفان، وسلّحَ القبائل العربية في دارفور، التي تجمعت تحت اسم (التحالف العربي)، أو (الجَنْجَويِدْ)، لمواجهة التمرد. تسليح هذه المليشيات مثّلَ تخلي الدولة عن مسؤوليتها الأخلاقية والقانونية في احتكار العنف وإدارته، فأوكلت مسؤولية الحرب لأفراد ينقصهم التدريب العسكري الاحترافي، والإلمام بالقوانين الدولية للحرب، التي من أهمها حماية المدنيين من الاستهداف.

المراحيل
الدينكا

إحدى أشهر جرائم مليشيات الجَنْجَويِدْ في حقبة الديمقراطية الثالثة هي (مذبحة قطار الضعين)، وهي مجموعة من الأحداث الكابوسية المتلاحقة التي شهدتها مدينة الضعين يوم 28 مارس من العام 1987. تمثلت المذبحة في قيام الجَنْجَويِدْ بتكوين جيش من أربعة الآف شخص من قبيلة الرزيقات، جميعهم متسلحين بالسيوف والبنادق والمواد الحارقة. هاجم الجَنْجَويِدْ أفراد قبيلة الدينكا المقيمين في المدينة، وقتل ألف وسبعمائة شخص حرقاً بينما كانوا محتجزين في قطار كان ينوي الذهاب بهم بعيداً عن حقول القتل. ارتكبت المليشيات العربية أحداث اغتصاب جماعي، واسترقاق واستعباد لأكثر من أربعة آلاف شخص، وقتل عشوائي للأطفال والعجزة في مستشفى المدينة، وذلك بعد إحراق وتدنيس لكنيسة القديسة بخيتة.

 وثق د. عشاري أحمد محمود للمذبحة في كتاب بعنوان مذبحة الضعين - الرق في السودان


انحياز الأنظمة الحاكمة – سواء أكانت ديموقراطية أو عسكرية - لمجموعات عرقية/ ثقافية معينة، على حساب مجموعات أخرى، أظهر أن الدولة تخلت عن حيادها في التعامل مع جميع مواطنيها على قدم المساواة، وأبانت الحروب الأهلية أن السودان - كنموذج لدولة ما بعد الكولونيالية - لم يستطع إيجاد حل لـ(معضلة القبيلة)، وهي إحدى مكونات ما قبل الدولة، وبدلاً من أن تترفع الحكومات المتعاقبة عن الصراعات القبلية، فقد تورطت فيها بطريقة دموية، وتجاهلت النداءات المُطالبة بدولة المواطنة.



عندما وصلت الجبهة القومية الإسلامية (الفرع السوداني لتنظيم الإخوان المسلمين) للسلطة من خلال انقلاب عسكري في 1989، صعّدت وتيرة الحرب ضد المتمردين، فأعلنت عليهم الحرب المقدسة (الجهاد). الهدف الأساسي للإسلاميين كان مشروعاً أيديولوجياً راديكالياً يهدف إلى هندسة اجتماعية في السودان، بهدف إقامة دولة الشريعة. هذا المشروع الأيديولوجي تطلب زعزعة لكل مفاصل الدولة سياسياً واقتصادياً وعسكرياً. المشروع الإسلامي السوداني لم يكن إلا رد فعل لأفكار الحزب الشيوعي السوداني، فأصبح مشروع حسن الترابي (1932-2016) هو إقامة تحالف إسلامي عالمي على غرار الكومنترن الشيوعي، وجعل السودان مركز بناء هذه الأممية الإسلامية. هذا المشروع لا يعترف بالدولة الوطنية السودانية، ويُعطي الأولوية للأجندة الخارجية للتنظيم على حساب حل أزمات البلاد الداخلية، وهو ما تطلب لاحقاً تفكيك مؤسسات الدولة التقليدية واستبدالها بماكينة أيديولوجية تشتغل من أجل تحقيق حلم دولة الشريعة العالمية.

البشير والترابي

بدأ تنظيم الإخوان المسلمين عملية تغيير جذري لكل المؤسسات من خلال إزاحة الموظفين التكنوقراط ذوي الخبرة، واستبدالهم بأشخاص مؤدلجين ذوي خلفيات راديكالية. كوّن النظام الانقلابي أجهزة أمنية موازية، تدين بالولاء للإسلاميين قبل الولاء للدولة الوطنية: فتم مثلاً تكوين (الشرطة الشعبية)، و(الدفاع الشعبي)، و(الأمن الشعبي) لتعمل بالتوازي مع أجهزة الأمن القائمة فعلاً. إحدى نتائج خلق الأجهزة الأمنية الموازية كانت إعادة اكتشاف مليشيات الجَنْجَويِدْ من خلال الاستعانة بها في مواجهة التمرد. التطرف الأيديولوجي إضافةً للانحياز تجاه وضد مجموعات معينة، أصبح وقود الحرب التي ستكون وسيلة الجَنْجَويِدْ لاعتلاء السلطة.

 صلاح قوش قام بتحويل الأمن لقوة مسلحة بدلاً من جهاز لجمع المعلومات

الجنرال عمر البشير كان يحرص دوماً على تبديل قيادات الجيش والأجهزة لضمان استمراريته في السلطة، وعدم قيام انقلاب ضده، خاصة بعد إطاحته بشريكه في السلطة حسن التُرابي، في 12 ديسمبر من العام 1999. وجد حِميدتْي الفرصة سانحة لتسلق هرم السلطة بعد خلاف بين البشير وقائد مليشيا الجَنْجَويِدْ (موسى هلال) الذي عُوقب بالسجن، وأصبح حِميدتْي هو القائد الجديد للمليشيا. غيِّرَ حِميدتْي طبيعة القوات بعد أن أقنع البشير بأنه من الأفضل إدماج قوات الجَنْجَويِدْ وتقوية تسليحها لتنضم للقوات المسلحة السودانية. أضحى الجَنْجَويِدْ نظرياً ضمن فصائل الجيش، لكن عملياً هم مستقلون من ناحية التسليح والتنظيم العسكري. فأصبح وضع الجَنْجَويِدْ في الجيش أشبه بالماء والزيت؛ كلاهما في إناء واحد، ولكنهما كذلك منفصلان.




استفاد حِميدتْي من شبكة العلاقات الدولية والغطاء الدبلوماسي للدولة، فقام خلال سنوات قليلة بتبديل طبيعة المليشيا، فحوَّلها من مجموعة مسلحة تقاتل بعتاد عسكري من فتات الترسانة الصينية والروسية، إلى جيش يحارب في عدة دول بأحدث الأسلحة الأمريكية التي يتلقاها من السعودية والإمارات. استفاد حِميدتْي من إزاحة أعوان الرئيس ومنافسيه وتساقطهم، فأصبح موقعه من قمة الهرم أقرب ما يكون، خاصة بعد تنحي الجنرال عوض بن عوف الذي حكم السودان لمدة 30 ساعة فقط.


إغلاق تام للجسور والطرق

إعتصام الجماهير أمام قيادة الجيش



الفريق عوض بن عوف

سنوات الحكم الطويلة للجيش السوداني، جعلت أولويات الجنرالات تتبدل؛ فقد أصبحت الأجهزة الأمنية تمتلك بنوكاً واستثمارات دولية، بل وحتى أندية رياضية، وبفضل الفساد أضحى الجنرالات يعيشون في بذخ أصبح معه الانضباط العسكري شيئاً من الماضي، فأصبح الاهتمام الأول للجيش هو منافسة التجار في السوق المحلية، وخلق استثمارات في الخارج. استرخى الجنرالات في قصورهم فيما المليشيات تحارب نيابة عنهم بالوكالة، ففقدوا الاهتمام بما يجري في المؤسسة العسكرية. هذا المناخ مَهّد الطريق لحِميدتْي لاعتلاء سُلّم القيادة، فتعملقت مليشياته وأضحت أقوى فصائل الجيش.



قوات الجنجويد في اليمن

نَكّل الجَنْجَويِدْ بالمتظاهرين المطالبين بالحرية، فارتكبوا فظائع في العاصمة التي كان سكانها يتابعون عن بُعد الحرب الأهلية وهي تلتهم البشر في أطراف السُودان. دار الوقت لتتبدل طبيعة الحكم من دكتاتورية إسلامية إلى فوضوية المليشيات. نقل الجَنْجَويِدْ السيناريو الدارفوري – الكردفاني، ليقوموا بتمثيله في قلب الخرطوم. قوات حِميدتْي استعرضت قوتها بعرض ترسانتها من سيارات الهامفي الأمريكية المصفحة، ونشرت فيديوهات لجنودها وهم يرقصون ابتهاجاً بالانتصار العسكري الساحق على متظاهرين عُزل، بل وتفتخر بجرائم الاغتصاب لتقوم بعرض الملابس الداخلية للمغتصبات على منصات التواصل الاجتماعي، ولتنشر كذلك صور الضرب والتعذيب.


قتل

إذلال

 تعذيب

إغتصاب

لقد خلقت الحكومة السُودانية مليشيات لتسحق بها التمرد، ولكن دار الزمن ففقدت الحكومة زمام السيطرة، فأصبح النظام السوداني مثل ڤكْتُور فِرانْكِنْشَاتَاين الذي خلق وحشاً ثم فقد السيطرة عليه. لقد جعلت ماري شيللي نهاية روايتها ترجيدية، فمات فيها ڤكْتُور من الحسرة على عالمه الذي تحطم بسبب فضوله القاتل لكشف سر الخلق، وإنتهت الرواية بانتحار الوحش في النيران حزناً على العالم الذي دمره. تقوم الآن المليشيات بتدمير كل شيئ حولها كما فعل الوحش؛ لأنها لم تجد القبول مِن الآخرين فأصبح الجَنْجَويِدْ همٌ فِرانْكِنْشَاتَاين السُودان. 
........................................

نُشر المقال في صحيفة الرأي اليوم اللندنية بتاريخ 13 يونيو 2019، رابط المقال هنا

No comments: